تأمّلات مع منبّه الصباح

منبّه الصباح نموذج واضح للهوة الوجودية التي يقع فيها الفرد حين يشتد صراع “المتناقضات” داخله؛ فمن جهة يوجد إلحاح الواجب، النهوض للعمل والرزق، للدراسة، للمستقبل، للمكانة الاجتماعية؛ ومن جهة اخرى إلحاح النفس ورغبتها في دفئ البطانية وراحة الوسادة. كلما ارتفع صوت المنبّه المزعج كلّما اشتد الصراع!

في هذا “المأزق” وأمام هذا “الصراع” يمتلك القرد مجموعة خيارات

1- الاستجابة للمنبّهه بالنهوض

2- الاستجابة للوسادة وإخماد “المنبّه” نهائيا

3- تأجيل الاستجابة عبر تفعيل خيار “snooze”

ولكن هذا الخيار الثالث سيتفرع منه سؤال مهم: إلى متى تأجيل الاستجابة؟ كم مرة سيستخدم خيار snooze?

لنفترض الآن أنّ هذا المرء اعتاد على تفعيل خيار snooze مرارا وتكرارا؛ سنجد أنّه بسبب ذلك، ومع الوقت، سيضطر حينما يقوم بتوقيت المنبّه ليلا قبل النوم إلى ضبطه على مجموعة كبيرة من الأوقات. مثلا يجعل المنبّه على الأوقات التالية 6:15, 6:15, 6:30و 6:45و 7:00. يقوم بذلك لا لأنه الفعل الصحيح؛ ولكن لأنّه يقرّ بضعفه، ويعرف سرعة انهياره لإغراء الوسادة، ويعرف كثرة تفعيله لخيار “التسكيت المؤقت” للمنبّه، لذلك عليه أن يتأكد أن لا يغلبه النوم في آخر المطاف.

في الحقيقة، فإنّ خيار ال snooze ليس سوى تخريجة مشوّهة، أو محاولة توفيق مؤقتة بين ما نراه “صوابا” وبين “رغباتنا”. ال snooze آلية لتخفيف القلق الناتج عن ذلك المأزق الوجودي وشعورنا الحاد بأننا نعيش الازدواجية، الازدواجية التي تنشأ من ميلنا إلى رغبة تخالف “نظامنا الاعتقادي”.

الsnooze شبيهة بفكرة فرويد الشهيرة حول دور الأنا، فالأنا (ego) تحاول ايجاد منفذ للإنسان من صراع محتدم في داخله بين قوتين جاذبتين، قوة الهو (Id) الغرائزية من جهة، وقوة الأنا العلية (superego) المحكومة بالقيم الاخلاقية والاجتماعية.

Id, ego, and super-ego - Simple English Wikipedia, the free encyclopedia

هذا الضغط المستمر على الأنا من قبل قوتين ضخمتين يعرضها لتوتر وقلق كبيرين جدا.. تصور الضغط النفسي الذي تعيشه وانت تضغط snooze خمس مرات صباحا مع ادراكك لاقتراب وقت “الدوام”، ولكنك غير قادر على ترك الوسادة! فسرعان ما تبدأ هذه الأنا بإيجاد حيل نفسية لتخفيف حدة هذا الضغط!

Scroll to Top